ما الذي يسبب السلوك الإجرامي
ما الذي يسبب السلوك الإجرامي
ما الذي يسبب السلوك الإجرامي؟ محاولة فهم وإستيعاب السلوك البشري المعادي للمجتمع مهمة معقدة وخاصة بسبب التنوع الثقافي في المجتمعات حالياً.
تُعرّف الجريمة على نطاق واسع بأنها سلوك يحصل من خلاله الأفراد على موارد للآخرين وحاجاتهم وأموالهم من خلال وسائل غير مهذبة وغير شرعية وغير مقبولة، وهي تمثل واحدة من أكثر المعضلات الإجتماعية الداخلية صعوبة. إن فهم الأعمال الإجرامية الفردية مثل القتل أو السرقة أو الإغتصاب أو الدوافع وراءها أمر معقد للغاية.
السلوك الإجرامي، وبإختلاف طرقه يندرج تحته إستخدام سلوكيات ومناهج بربرية للحصول على موارد الآخرين، وهو يكون نتيجة تفاعل بين العوامل النفسية والإجتماعية والبيئية.
يسعى السلوك الإجرامي إلى إشباع رغبات الجاني أو المعتدي من الناحية المادية أو المشاعر الممتعة أو فرض قوته، بغض النظر عن الضرر الذي يلحق بالضحية أو المجتمع. تؤدي مثل هذه السلوكيات إلى زيادة انعدام الثقة وتغذي التحيز والتماسك الإجتماعي الفاسد إلى حد كبير.
الجريمة
بدأ علم الجريمة الحديث في أوروبا وأمريكا في أواخر القرن الثامن عشر. خلال هذا الوقت بدأ الناس في قبول التفسيرات العلمية للأحداث في العالم من حولهم واستبعاد التأثيرات الخارقة للطبيعة وأن لكل جريمة سبب ودافع. يعتقد الناس بشكل متزايد أن الأفراد يتحكمون في أفعالهم. بدأت فكرة أن الناس كانوا مدفوعين بالعقل ويتأثرون ببيئتهم الاجتماعية تسيطر على التفسيرات حول سبب تصرف الناس بالطريقة التي يتصرفون بها وبسلوكهم الإجرامي. غيرت مثل هذه الأفكار طريقة تفكير الناس في السلوك الإجرامي أيضًا.
أسباب السلوك الإجرامي
في حين أن كل شخص يرتكب جريمة له أسبابه الخاصة، إلا أن هناك بعض العوامل التي يعتقد علماء الجريمة أنها يمكن أن تسهم في السلوك الإجرامي وتزيد من عوامل خطره.
-
عوامل الخطر البيولوجي
مثلما لا يمكننا اختيار لون عيوننا، لا يمكننا اختيار التركيب الكيميائي لأدمغتنا. هذا ما يعرف بالوراثة. يمكن أن يعرضنا علم الوراثة لمجموعة متنوعة من المضاعفات، من الإكتئاب السريري إلى الصرع. يعتقد بعض علماء الجريمة أن بيولوجيتنا والوراثة يمكن أن تهيئنا أيضًا للإجرام وتجعلنا نفكر به. هذا لا يعني أن المجرمين يولدون بهذه الطريقة، فقط أن العوامل البيولوجية بما في ذلك الفروق في الإستثارة اللاإرادية، وعمل الغدد الصم العصبية، وعلم الأعصاب، قد ثبت أنها تزيد من إحتمال إرتكابنا للسلوك الإجرامي.
-
تجارب الطفولة المعاكسة والقاسية
بنفس الطريقة التي لا يمكننا بها اختيار جيناتنا، لا يمكننا اختيار طفولتنا وطريقة نشأتنا. يتمتع البعض منا بطفولته الممتعة والبريئة، وحتى الطفولة المثالية، والبعض الآخر أقل حظًا. الأطفال الذين يتم تربيتهم في مواقف سيئة، ويتم تربيتعم على العنف والمشاكل، معرضون بشكل متزايد لخطر السلوك الإجرامي في كل من سن الأحداث والبالغين. في الواقع، تُظهر الأبحاث أن المجرمين المدانين من المحتمل أن يكونوا قد تعرضوا لأربعة أضعاف أحداث الطفولة المعاكسة والقاسية مقارنة بغير المجرمين.
-
الإضطرابات النفسية
السلوك الإجرامي يمكن أن يكون نتيجة مباشرة للاضطرابات النفسية. يعتقد أن هذه الإضطرابات العقلية يمكن تشخيصها وربما علاجها. إذا كان هذا الأمر صحيحًا، فيمكن اعتبار النشاط الإجرامي مرضًا ويمكن “علاج” الجاني ومسبب الجريمة من خلال العلاج النفسي.
-
البيئة الإجتماعية السلبية
البيئة الإجتماعية من حولنا يمكن أن تؤثر على هويتنا وعلى شخصياتنا. إن مجرد التواجد في حي ترتفع فيه معدلات الجريمة يمكن أن يزيد من فرص تحولنا إلى مجرمين. لكن التواجد في وجود المجرمين ليس الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تؤثر بها بيئتنا على سلوكياتنا. تكشف الأبحاث أن العيش في فقر يزيد من احتمالية الدخول إلى السجن. عندما يواجه الشخص صعوبة في تغطية نفقاته الخاصة وتغطية إحتياجاته اليومية، فإنه يتعرض لضغوط مادية ونفسية يمكن أن تجعله يلجأ للطرق غير الشرعية لتلبيتها، وذلك من خلال السلوك الإجرامي.
-
الدخل والتعليم
البطالة يمكن أن تكون سببًا رئيسيًا للجريمة وللعنف. يعلم المجتمع أن المثابرة والعمل الجاد يؤديان إلى مكافآت مالية شخصية؛ ومع ذلك، غالبًا ما تقتصر الفرص التعليمية على الأشخاص الذين يمكنهم تحمل تكاليف الإلتحاق بالكلية والجامعة. غالبًا ما يُجبر الأشخاص الذين لم يتلقوا تعليمًا عاليًا أو شهادات جامعية على تولي وظائف ذات رواتب أقل. بعض المحاولات لتحقيق نجاح مادي من خلال وسائل غير مشروعة؛ بهذا المعنى، يمكن للقوى الإجتماعية أن تقود الشخص إلى الجريمة.
حيث أن الوظيفة الجيدة تخلق إرتباطات إجتماعية وشخصية وطيدة لمجتمع الشخص، والتي بدورها تؤثر على إمكانية إرتكابه للجريمة أم لا. من غير المحتمل أن يرتكب الشخص جريمة، حتى لو كانت هناك مكافآت كبيرة ومغريات كثيرة، إذا كان مرتبطًا بالمجتمع ويحظى بإحترام أعضائه ومحبتهم.
-
نشاط الدماغ
أشارت الدراسات والأبحاث إلى أن زيادة مستويات بعض المواد الكيميائية العصبية، التي يطلقها الجهاز العصبي المركزي مثل السيروتونين، تقلل من العدوانية، حيث تؤثر هذه المادة على عواطف الفرد ومشاعره.
ولكن هناك بعض المواد إذا زادت، مثل الدوبامين، تزيد من العدوانية لدى الشخص. ينتج الدوبامين عن الدماغ ويؤثر على معدل ضربات القلب وضغط الدم.
هذا يعني أن زيادة الدوبامين وقلة إفراز السيروتونين، تؤدي إلى زيادة النشاط والعدوانية، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة العنف والجريمة.
-
الهرمونات
الهرمونات هي مواد جسدية تؤثر على كيفية عمل أعضاء الجسم. الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون لها علاقة بالسلوك الإجرامي. التستوستيرون هو هرمون جنسي تفرزه الأعضاء التناسلية الذكرية التي تسبب تطور سمات الجسم الذكورية.
حيث تؤدي زيادة هرمون التستوستيرون إلى زيادة معدلات الإعتداءت الجنسية، كما ظهرت بعض الأبحاث أن علاج وإزالة هرمون التستوستيرون يقلل من معدلات الجريمة وخاصة على مرتكبي الجرائم الجنسية.
ومن الهرمونات الأخرى المرتبطة بالسلوك الإجرامي هرمون الكورتيزول، هو هرمون تفرزه الغدد الكظرية الموجودة بجوار الكليتين إفراز هذا الهرمون يؤثر على سرعة معالجة الطعام في الجهاز الهضمي.
تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى زيادة نسبة الجلوكوز في الدماغ للحصول على طاقة أكبر، كما هو الحال في أوقات التوتر والخوف أو الخطر. وعند زيادة هذا الهرمون يصبح الشخص أكثر نشاطاً بدنياً، مما قد يزيد من نسبة إرتكابه للجريمة، على عكس إنخفاض هرمون الكوتيزول الذي يسبب خمولاً وتشتت الإنتباه.
-
المخدرات والكحول
هناك بعض العوامل التي تؤثر على إتخاذ القرارات، مثل تعاطي المخدرات والكحول، إن الرغبة في ارتكاب الجريمة من أجل الحصول على المخدرات هي رغبة قوية، كل من المخدرات والكحول يضعفان الحكم ويقللان من الموانع والخوف من المجتمع ومن العواقب، مما يمنح الشخص المزيد من الشجاعة لإرتكاب الجريمة. عندما يكون الشخص تحت تأثير المخدرات أو الكحول فإنه لا يستطيع التفكير بأحكام السجن والعواقب التي يمكن أن تمنعه من إرتكاب الجريمة لو كان في كامل وعيه.
نظريات الإجهاد في السلوك الإجرامي
كانت نظريات الإجهاد في السلوك الإجرامي من بين أهم نظريات لتفسير السلوك الإجرامي عند الفرد وتأثيره على المجتمع. من خلال اتباع نهج مجتمعي، سعت نظريات الإجهاد إلى شرح أوجه القصور وأسباب الضعف في البنية الاجتماعية التي تقود الأفراد إلى السلوك العنيف الإجرامي. تعمل نظريات الإجهاد على أساس أن هناك قيم ومعتقدات وأهداف ذات الأساليب المشروعة لتحقيق النجاح ولتأمين الإحتياجات. عندما يُحرم الأفراد من الوصول إلى الأساليب المشروعة لتأمين إحتياجاتهم ولتحقيق النجاح، فإن النتيجة تكون شذوذًا أو توترًا اجتماعيًا. غالبًا ما يؤدي ذلك بالفرد إلى اللجوء إلى وسائل غير مشروعة أو إجرامية للحصول على مستوى النجاح الذي يتم تكوينه في المجتمع الذي من حوله لتحقيقه.
شاهد أيضاً
وفي الختام ومن خلال موقع المقالات العربية، نكون قد تحدثنا عن ما الذي يسبب السلوك الإجرامي، الجريمة، أسباب السلوك الإجرامي، نظريات الإجهاد في السلوك الإجرامي.